هي واحدة من القرى القلائل التي ما تزال تحافظ على الكثير من أصالة وبساطة الريف الحوراني، والزائر لهذه القرية سيستدل على ذلك من خلال مشاهدته لأبنية القرية القديمة منها أو الحديثة حيث الحجر البازلتي هو الأساس في البناء، ولكن الحفاظ على التراث في هذه القرية لا يظهر فقط من خلال الأبنية بل يتضح أيضاً عبر التمسك بالعادات والتقاليد القديمة في المناسبات الاجتماعية المختلفة.
60 كيلومتراً إلى الشمال من مدينة "درعا" هي المسافة المطلوب قطعها للوصول إلى هذه القرية التي تبعد أيضاً عن مدينة "دمشق" جنوباً بمسافة أقل بخمسة كيلومترات من سابقتها، وهي إحدى قرى منطقة "الصنمين" وتقع إلى الشرق منها بأحد عشر كيلومتراً، الوصف السابق بكامله هو لقرية "خبب" التي زارها موقع eDaraa بتاريخ (27/8/2009) والتقى بداية مع السيد "عاهد البدوي" رئيس مجلس القرية والذي وصف قريته بالقول: «يبلغ عدد السكان (6500) نسمة ومساحة المخطط التنظيمي /6500/ هكتار، تتوسط المسافة تقريباً بين مدينتي "دمشق" و"درعا" وهي محاطة بعدد كبير من القرى وأهمها: "تبنة" و"محجة" من الغرب، و"إيب" و"كريم" من الشرق، ومن جهة الجنوب "الزبيرة" و"سور"، ومن الشمال هناك "بصير" و"جباب"».
وعن الواقع الخدمي للقرية يقول: «تضم القرية عدداً من المراكز الخدمية وهي (مجلس قرية- مركز هاتف- وحدة بيطرية- وحدة إرشادية- مركز صحي- جمعية فلاحية- نادي رياضي- صالة استهلاكية- مركز ثقافي- نادي اجتماعي ثقافي، ويتم بناء ورشة لخدمات الكهرباء)، ويقوم المجلس بتنفيذ عدد من المشاريع الخدمية المتعلقة بالطرق والصرف الصحي والنظافة»، وأضاف السيد "عاهد" بالقول: «من ميزات القرية اعتماد سكانها على المهن الوظيفية بشكل أساسي كنتيجة لارتفاع نسبة المتعلمين منهم، حيث يقدر عدد الأشخاص الذين يعملون بالتدريس من أهالي القرية بألف شخص وعدد الشهادات الجامعية فيها بأكثر من (800) شهادة بمعدل خريج جامعي لكل سبعة أو ثمانية أشخاص، هذا الكم من الموظفين والمتعلمين يعملون في مناطق مختلفة من القرى والمناطق المجاورة للقرية وبعدد لا بأس في مدينة "دمشق"، وتوجد في القرية ثانوية عامة منذ عام 1946 تعتبر من أوائل المدارس الثانوية في محافظة "درعا"، بينما يعود تاريخ أول مدرسة رسمية في القرية إلى عام 1798م».
أما السيد "فرح الذيب" فقد تمكن من إعطائنا ما يلي من معلومات عن القرية: «يعود السكن الحديث في القرية إلى أكثر من 270 عاماً، وقد سميت بـ"خبب" نظراً لموقعها الجغرافي على عتبات اللجاة الوعرة حيث لا تستطيع الجياد أن تتجاوز سير الخبب وما الخبب إلا مرحلة التهيؤ للركض عند الجياد».
وبدوره الباحث "منير الذيب" شقيق السيد "فرح" فقد أفاد بأن "خبب" تضم كاتدرائية تعتبر مركز أبرشية الروم الكاثوليك بالنسبة للمحافظات الجنوبية، بالإضافة إلى كنيستين واحدة قديمة والأخرى حديثة ودير لراهبات المحبة (البيزنسون)، ولا تزال القرية تشهد ترابطاً اجتماعياً وثيقاً لا مثيل له في غيرها من المناطق، ففي حفلات الزفاف مثلاً يجتمع المدعوون عند أهل الفرح قبل موعده بثلاثة أو أربعة أيام، وفي يوم العرس يكون المنسف الحوراني هو الطبق الأساسي في الضيافة، وهذه الأمور أصبحت غير موجودة فيما تبقى من مناطق المحافظة، وعن أهم الشخصيات التي برزت من قرية "خبب" يذكر السيد "منير": «الرسام الراحل "ألفرد حتمل"، الرسام العالمي "بيرو هاري فواز الحاتم"، الشاعر والكاتب الراحل "شاكر البشارة"، الكاتب الدكتور "عادل فريجات"، والكاتب "منير الذيب"».
ولتأكيد المعلومات التاريخية المتعلقة بقرية "خبب" تحدث لنا الباحث "محمد العيشات" من دائرة آثار "درعا" فقال:
«ذكرت بعدة أسماء منها "حبابا" "خبابا" "آبب" وأصل الجذر آشوري أكادي (آبابي) بمعنى ناضر وساطع، ما يدل على غناها القديم بالمياه والينابيع والتربة الخصبة، والاسم القديم للبلدة هو "إبيبا" منقوش على حجر في الجدار الغربي للبناء العلوي لأحد البيوت في وسط القرية، أما اللغة التي كتب بها فهي اليونانية وتاريخ هذا النقش يعود إلى 213 م ويوجد نقش آخر في أحد البيوت أيضاً وتاريخه يعود إلى سنة 303 م».
وأضاف: «إن انتشار الأبنية التي تعود لمختلف عصور التاريخ يؤكد قدم الاستيطان البشري فيها، والبعض من تلك الأبنية والمخلفات المادية تعود لفترة الألف الأول قبل الميلاد أي إلى الفترة الآرامية وإن الكثير من المباني يعود للعصور الكلاسيكية "اليوناني والروماني والبيزنطي"، وتمتد أصول سكانها إلى عرب "غسان وكندة" ومنذ القرن الثاني للميلاد وتدل آثارهم عليهم، أما سكانها الحاليون فقد جاؤوا من إمارتهم الغسانية في "صلخد" بلدتهم القديمة عام 1656-1721 وهم امتداد للقبائل العربية الغسانية الأصيلة التي نزحت من "صلخد" في "جبل العرب"».